'¤!||!¤ الزيارة والتواصل بين الماضي والحاضر ¤!||!¤

۞ الزيارة والتواصل بين الماضي والحاضر ۞

₪₪₪₪₪₪₪₪₪₪₪₪₪

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الأمين وآله وأصحابه ومن تبعهم من العالمين...

قال شاعر:▼

غِب وزر غبّا تزد حبّا فمن أكثر الترداد أضناه المَلَلْ

وناقضه شاعر آخر فقال:▼

إذا حققت من خلّ وداداً *** فزره ولا تخف منه ملالا

وكن كالشمس تطلع كل يوم *** ولا تك في زيارته هلالا

كانوا الرجال في الماضي البسيط والجميل بتقاليده يتبعون عدة عادات في وطننا الكبير... ففي الحجاز كانوا يجتمعون ويجلسون على مركاز بجوار مدخل البيت أو المقعد داخل المنزل بأسلوب أهل الحجاز وكذلك «المركاز» عند العمدة بالإضافة إلى المقاهي الشعبية، ولا حاجة للمرء بأن يأخذ ميعاداً فالمركاز مفتوح وكذا المقهى، فكل شيء معد بحيث يمكن ارتياده مباشرة وليس من خلال موعد مسبق، والضيافة أو إكرام الوفادة لا تتعدى الترحيب وفنجال قهوة يتبعه الشاي، إلا إذا كانت هناك مناسبة عائلية أو جماعية تتخللها وجبة دسمة في المنزل.

وعند أهل نجد عادة وتقليد وهي «القهاوي» وليست بالمعنى المعروف بالحجاز، بل كانت جزءاً من البيت للاستقبال وإعداد القهوة أمام الضيف حيث أن بعض الأعراب لا يعتبر ضيافة المضيف كاملة ما لم يصنع أو يحضّر القهوة أمامه. وكانت الزيارة والأبواب مفتوحة بعد صلاة العصر أو المغرب أو العشاء فلا حاجة لموعد سابق بين الأقارب والأصدقاء، إلا إذا كانت هناك مناسبة عائلية أو جماعية تتخللها وجبة دسمة في المنزل.

وفي زمننا الحاضر فإن البيتين الشعريين الأخيرين السابقين يستحيل تطبيقهما عملياً في الوقت الراهن لزيارة الأهل والأقارب والأصدقاء كالشمس يومياّ نظراّ لمشاغل الحياة في هذا الزمن الغريب. فالجاري حالياً أن يتأكد المرء من وجود من يريد زيارته، ثم يأخذ موعداً، ويحضر في الموعد.

وللزيارة هناك عدة ظواهر متبعة وجديدة نوعاً ما في الزيارة بين الأقارب والأصدقاء الرجال حالياّ. فمنها أن البعض يخصص يوماً عيناً لاستقبال الأصدقاء والأقارب. وهذا لا يجعل الزائر يحتاج إلى موعد. ويُسميه الدارسون في الخارج Open House أي المنزل المفتوح. والزائر لا يحتاج الإذن وتكون بعد صلاة المغرب تنتهي بأذان العشاء وبعضها بعد صلاة العشاء للساعة 10 مساء بحد أقصى، والضيافة لا تتعدى الترحيب وفنجال قهوة يتبعه الشاي والحلوى. وهذا في رأيي ظاهرة ممتعة ومسلية ونوع من التواصل.

ويتبع البعض أسلوب الزيارة ما يسمى بـ ( الدورية ) الأسبوعية أو الشهرية بين الأقارب والأصدقاء وتكون في منزل أحدهم ( كان الله في عون الزوجة ) أو في إستراحة خارجية تكون معها وجبة غداء أو عشاء دسمة. ويتبع بعض النساء هذه العادة ويجتمعن في دوريات ( كان الله في عون الزوج ).

هذه بعض العادات والتقاليد بين الماضي والحاضر في الزيارة...

وكم هي صعبة الحياة وغريبة في هذا الزمن فقد أصبح الكثير لا يهتم بالزيارة المتبادلة إلا في مناسبات الأعياد السنوية، وكم هو جميل وراقي ماضي الأجداد والآباء الذي كان فيه التكافل الإجتماعي وصلة الرحم والقربى والجار والصديق أقوى وأعمق مما هي عليه الحال في عصرنا الحاضر...

وصلي اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وأصحابه ومن تبعهم...

₪₪₪₪₪₪₪₪₪₪₪₪₪