۞ بسم الله الرحمن الرحيم ۞
₪₪₪₪₪₪₪₪₪₪
۩۩ النسب إلى سيدنا رسول الله الكريم ۩۩
₪₪₪₪₪₪₪₪₪₪
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله ومن والاه وإتبع هداه...
اعلم أن النسب إلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أشرف الأنساب. وقد قال صلى الله عليه وسلم: أنا سيد ولد أدم ولا فخر. وأنظر إلى كلمة " ولا فخر " من تواضعه صلى الله عليه وسلم، بل كل الفخر يا حبيب الله. كما أن الإنتساب إلى آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوجب التخلق بأخلاقهم وصفاتهم، فقد كانوا عليهم السلام القدوة الحسنة والمثل الأعلى في التقى وحسن الخلق وعدم المفاخرة بالنسب، لأنه نفى الله سبحانه وتعالى الفخر بالأنساب بقوله تعالى ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) الحجرات آية 13، فالفخر في الإسلام بالتقوى. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن نبيكم واحد، وأباكم واحد، وأنه لا فضل لعربي على أعجمي ولا أحمر على أسود إلا بالتقوى، ألا هل بلغت. والأخلاق وحسن التواضع التي إتصف بها صاحب الخلق العظيم سيدنا محمد وآل بيته وصحابته صلى الله عليهم وسلم تؤلف فيها كتب، ولكن لننظر إلى الموقفين التاليين:
₪₪₪₪₪₪₪₪₪₪
۩ الموقف الأول ۩
روي أن الأصمعي قال: بينما أنا أطوف بالبيت ذات ليلة إذا رأيت شاباّ متعلقاّ بأستار الكعبة فدنوت منه وهو يقول:
يا من يجيب دعا المضطر في الظلم * يا كاشف الضر والبلوى مع السقم
قد نام وفدك حول البيت وأنتبهوا *** وأنت يا حي يا قيوم لم تنم
أدعوك ربي حزيناّ هائماّ قلقاّ *** فأرحم بكائي بحق البيت والحرم
إذا كان جودك لا يرجوه ذو سفه *** فمن يجود على العاصين بالكرم
ثم بكى الشاب بكاءّ شديداّ وأنشد يقول:
ألا أيها المقصود في كل حاجة *** شكوت إليك الضر فأرحم شكايتي
ألا يا رجائي أنت تكشف كربتي ** فهب لي ذنوبي كلها وأقض حاجتي
أتيت بأعمال قباح رديئة *** وما في الورى عبد جنى كجنايتي
أتحرقني بالنار يا غاية المنى *** فأين رجائي ثم أين مخافتي
ثم سقط الشاب على الأرض مغشياّ عليه، فقال الأصمعي: فدنوت منه فإذا هو سيدنا زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، فرفعت رأسه في حجري، وبكيت فقطرت من دموعي على خده ففتح عينيه وقال: من هذا الذي يهجم علينا؟ قلت: عبيدك الأصمعي، سيدي ما هذا البكاء والجزع، وأنت من أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة، أليس الله تعالى يقول ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا )؟ فقال: هيهات هيهات يا أصمعي إن الله خلق الجنة لمن أطاعه ولو كان عبداّ حبشياّ، وخلق النار لمن عصاه ولو كان حراّ قرشياّ، أليس الله تعالى يقول ( فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ. فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ ).
₪₪₪₪₪₪₪₪₪₪
۩ الموقف الثاني ۩
روي أنه تفاخر العباس بن عبد المطلب، وطلحة بن شيبة، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم، فقال العباس أنا صاحب السقاية والقائم عليها، وقال طلحة أنا خادم البيت ومعي مفتاحه، فقال سيدنا علي كرم الله وجهه ما أدري ما تقولان أنا صليت إلى هذه القبلة قبلكما بستة أشهر، فنزلت الآية الكريمة (أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ اللّهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) التوبة آية 19.
هذه أمثلة لخلق أهل بيت النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وعدم مفاخرتهم بنسبهم فقط، فقد كان خلقهم القرآن وساروا على خطى الحبيب عليه الصلاة والسلام الذي خصه الله تعالى من كريم الطباع ومحاسن الأخلاق والحياء والكرم والصفح وحسن العهد بما لم يؤته غيره. ثم ما أثنى الله تعالى عليه بشئ من فضائله بمثل ما أثنى عليه بحسن الخلق فقال الله تعالى في مدحه ( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) القلم 4، وهو السراج المنير ( وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا ) الأحزاب 46، والحكمة من وصفه بالسراج ولم يقل قمراّ منيراّ لأن السراج أعم من القمر، ولأن المراد بالسراج هنا الشمس، قال تعالى ( وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا ) نوح 16، والشمس أعم نفعاّ ونوراّ من القمر. ورسول الله وآل بيته وصحابته عليهم الصلاة والسلام شموس في الدنيا والآخرة...هم الشمس عم الكائنات فضلهم... بساحلهم كل الكرام تعوم...
قالت السيدة عائشة رضي الله عنها: كان صلى الله عليه وسلم خلقه القرآن، يغضب لغضبه ويرضى لرضاه. وكان سيدنا الحسن رضي الله عنه إذا ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أكرم ولد آدم على الله عز وجل، أعظم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام منزلة عند الله، أتى بمفاتيح الدنيا فأختار ما عند الله تعالى، وكان يأكل على الأرض ويجلس عليها ويقول: إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد. هذا خلقه الكريم وهو صلى الله عليه وسلم أعظم الأنبياء، وأكرم المرسلين، وسيد الخلق أجمعين، لم يخلق الله أحسن ولا أجمل ولا أكمل ولا أفضل ولا أفصح ولا أرجح ولا أسمح ولا أصبح ولا أجل ولا أعظم ولا أسخى ولا أكرم ولا أبهى ولا أنصف ولا أعدل منه صلى الله عليه وسلم، وكذلك آل بيته الطيبين الطاهرين وأصحابه الغر الميامين... وكما قال صلى الله عليه وسلم: سلمان منا آل البيت...
مَن مثلكم لرسول الله ينتسـب *** ليت الملوك لها من جدكم نسب
هذ، والله تعالى أعلم وصلى اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد، جد كل تقي ولو عبد حبشي وشفيع المؤمنين يوم الفرار، وعلى آله الطاهرين الأخيار وأصحابه الأبرار ومن تبعهم إلى دار القرار والحمد لله الواحد القهار.
₪₪₪₪₪₪₪₪₪₪