ما معنى الجمال ؟
لا شك أن قضية الجمال تحتل المرتبة الأولى في عقل و قلب الفتاة في هذه المرحلة العمرية من حياتها، و خاصة بعد ما حدث لها من طفرات و تغييرات في شكل جسمها و أيضا في فكرها و روحها، و كثير من الفتيات تسأل أمها و معارفها هل أنا جميلة ؟ ما رأيك في شكلي ؟هل أنا أجمل من فلانة ؟.......
و نظرا لأهمية الموضوع الجمال أقول إن الجمال ليس جمال الشكل و الملامح فقط و ليست كل صاحبة و جه جميل جميلة، فالجمال لا تحكمه الملامح الخارجية للشكل ما هو إلا إطار، أما الصورة الحقيقية فهي في أعماق و نفس و سلوك صاحبة الإطار
( و لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم)
هذه الآية تشير أن للإنسان شأنا عند الله، و وزنا في نظام هذا الوجود و تتجلى هذه العناية في خلقه و تركيبه على هذا النحو الفائق، سواء في تكوينه الجسماني البالغ الدقة و التعقيد أو في تكوينه العقلي الفريد، أو في تكوينه الروحي العجيب و حين تتولى اليد الكريمة الإلهية هذه الصفة فأي جمال تكون عليه ؟ و أي بهاء تلبسه ؟ و أي صورة تكون عليها ؟ لقد كانت صورتك أيها الإنسان بهية كل البهاء و حسنة كل الحسن، و كانت و مازالت جميلة.
فالعينان مثلا معجزة الجمال في الشكل و الحجم و اللون لو و ضعت مكان الأنف أو الفم فهبطتا، أو مكان الجبهة أو الناصية فصعدتا، أو تدحرجتا يمنة أو يسرة أو تباعدتا، أو خلقك الله بك و احدة ؟ أو لم يجعل لهما حاجبين..أكنت أنئد مقبولا أم كنت خلقا آخر ؟
إنه المكان المناسب، إنها الهيئة الفريدة التي لا بديل لها، و قس على ذلك بقية الحواس، ثم تأمل هذا الوجه المحكم التناسق و تأمل قوله تعالى
(و صوركم فأحسن صوركم)
فكانت هذه الصورة السوية التي اختارها الله قد صنعها و ركبها بقدرته فكانت جميلة فاتنة، و الله قصد الجمال و الحسن في كل شيء خلقه و خاصة صورة الإنسان لقوله تعالى
(الذي أحسن كل شيء خلقه و بدأ خلق الإنسان من طين)
لقد خرجت صورة الإنسان في أحسن تقويم، و هذا لفظ معجز و المعنى عميق، فكانت الصورة في أحسن و أجمل هيئة،فليس بعد هذه الصورة الجميلة جمال، و ليس بعد هذا الشكل المبدع إبداع لقد كانت الصورة في أحسن تقويم فلا تقدر قوى البشر جميعا على تغييرها، فإن حاولت كما تحاول الآن بعمليات التجميل فتقوم بتصغير هذا العضو و تكبير الآخر،فإن الصورة مهما بدت متناسقة ستكون ممسوخة باهتة، و ستفقد تقويمها الأول و حينها سيذهب الجمال، هذا الجمال لا تدرك كنهه أحيانا، و لا نقدر معرفة سراره.
الآيات القرآنية والأحاديث النبوية نصوص تبرز قيمة الجمال وتدعونا إلى التنعم بهذه النعمة العظيمة والتأمل في قدرة الله تعالى من خلالها.
. الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى والذي صور فأجاد وأحسن… وصدق الله إذ يقول: "أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها ومالها من فروج والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج" ق 7،8.
ويقول: "وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة" النمل 60.
هذا مما يقوله القرآن الكريم عن جمال السماوات الأرض والنباتات. وفي جمال الحيوان يقول تعالى:
"ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون" النحل 6.
أما جمال الإنسان فيقول عنه: "لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم" التين 4.
وقوله تعالى: "وصوركم فأحسن صوركم" التغابن 3.
وقوله سبحانه: "الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركبك" الانفطار 7،
جمال مزيف
تنظر الفتاة بعين مبهورة للفتاة المعروضة على الشاشة، على أنها رمز الجمال و الأناقة و الرشاقة و هذه هي الجميلة حقا و نسيت المخدوعة المسكنية أن هذا الجمال المشاهد هو جمال مزيف مغشوش جمال تجاري مصنوع، فالفتاة التي تظهر أمام الشاشة عارضة أزياء أو ممثلة أو عارضة لمنتوج تظل ساعات طويلة أمام المرآة لمدة قد تصل لساعات لا يعلمها إلا الله لتبدو بهذا الشكل، و ماذا يفيد هذا الشكل الجميل الممسوخ إن لم يكن لجمال الروح و جمال الدين و جود ؟
يقول الشاعر :
جمال الوجه هع قبح النفوس كقنديل على قبر المجوس.
و نحن لسنا ضد الجمال الشكلي،فجمال الشكل مرغوب كما ذكره لنا الرسول صلى الله عليه و سلم عند اختيار الزوجة :
(تنكح المرأة لأربع لمالها، و لحسبها، و لجمالها، و لدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك) متفق عليه
و لكن أن نجعل جمال الشكل يأخذ كل اهتمامنا و ننسى النفس و الروح و الخلق و الدين فهذا هو المرفوض يقول الشاعر :
ليس الجمال بأثواب تزيننا إن الجمال جمال العلم و الأدب.
إذن من هي الفتاة الجميلة ؟
هي كل فتاة توازن بين جمال شكلها و جمال أخلاقها و دينها و روحها
أحيانا الحسن تعاسة !!
فكم من فتاة جميلة لا يحبها الناس و لا يرغبون في معرفتها لأنها قد تكون مغرورة بهذا الجمال، بل قد يكون الجمال نقمة على صاحبته فكم سمعنا أن هناك من طلقت و فشلت في حياتها الزوجية بسب غرورها بجمالها، و نتأمل حديث الرسول صلى الله عليه و سلم
لا تتزوجوا النساء لحسنهن، فعسى حسنهن أن يرديهن،
و لا تزوجهن لأموالهم، فعسى أموالهـن أن تطغيهـن
و لكن تزوجهن على الدين،لأمة خرقاء ذات دين أفضل.
و كلنا يعرف زوجة أبي ذر الغفاري كانت سوداء ليست جميلة و كم كان يحبها زوجها كثيرا لتدينها و أخلاقها و صفاتها الشخصية الرائعة.
و أخيرا أقول لك أقول لك فتاتي
اعتني بجمال شكلك، فإن الله جميل يحب الجمال،و لكن لا تهملي جمال روحك و دينك ليتكامل جمال الشكل مع جمال الروح و الدين و هذا هو الجمال الحقيقي و المطلوب منك يافتاة.
و أقول لكل فتاة عادية أو متوسطة الجمالأو قليلة الجمال الشكلي أنت جميلة مهما كان شكلك، لأن الذي خلقك و صورك هو أحسن الخالقين، و الله يحبك، فثقي بنفسك و كوني مؤمنة بالله و بقدر الله،و ترنمي معي قول القائل
كم من الحسن في الخلق،غطى عيبا في الخلق
و أقول لمن آتاها الله جمالا في الشكل لا تغتري بشكلك فإن رأس الجهل الإغترار و قولي لن اغتر بجمالي فهو منحة ربانية لم أصنعها بنفسي، بل سأدعو ربي ليحسن خلقي كما حسن خلقي الذي سينظر يوم القيامة الى ما في قلبي لا إلى و جهي.