ألبستها قميصي لتلبس من ثياب الجنة.

بسم الله الرحمن الرحيم

أم رابع الخلفاء الراشدين..

أم الشهيد الذي رآه النبي صلى الله عليه وسلم يطير بجناحيه في الجنة مع الملائكة..

جدة سيديّ شباب أهل الجنة ..

حماة سيدة نساء العالمين في زمانها ...

هي صحابية كريمة جمع الله لها تلك الفضائل والمناقب ... إنها الصحابية الجليلة ...

فـــاطـمــــــة بنت أســـــــد بن هاشم بن عبد مناف الهاشمية..

هي والدة علي بن أبي طالب_رضي الله عنه_ وجعفر الطيار_رضي الله عنه_ وحماة فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وجدة الحسن والحسين_رضي الله عنهما_ .

صحابيتنا كفلت خير البرية بعدما مات جده عبدالمطلب وذلك بكفالة زوجها (أبو طالب) له , فقد كانت تحوطه برعايتها وتشمله برحمتها حتى أنها كانت تخاف عليه أكثر من خوفها على أولادها. وقد لاحظت أن البركة عرفت طريقها إلى بيتها بعد أن عاش معهم الحبيب صلى الله عليه وسلم فكان عيال أبي طالب لايشبعون إذا أكلوا جميعاً أو فرادى لكن إذا أكل معهم رسول الله شبعوا وفَضُلَ طعامهم. وإن كان لبناً شرب رسول الله أولهم ثم تناول القعب -القدح- فيشربون منه فيروون عن آخرهم من القعب الواحد فيقول أبو طالب: إنك لمبارك.

وكانت فاطمة بنت أسد_رضي الله عنها_ ترى هذه البركات التي دخلت بيتها لأول مرة وهي لاتكاد تصدق نفسها فكانت تزداد حباً للنبي صلى الله عليه وسلم يوماً بعد يوم حتى كان الحبيب يشعر بأن الله رزقه بتلك الأم الرحيمة ليعوضه عن موت أمه فها هي ترعاه في طفولته وشبابه وتخصه بالتقدير والاحترام وتشمله بعطفها وحنانها وظلت ترعاه إلى أن تزوج بخديجة_رضي الله عنها_
وكذلك سمعت ماحصل له من البركة عندما سافر مع زوجها إلى الشام , وسمعت ماحدّث به ميسرة غلام خديجة _رضي الله عنها_ من خصال الخير عندما سافر بتجارتها إلى الشام.

وهاهي تدفع بفلذة كبدها(علي بن أبي طالب) ولدها ليعيش في بيت رسول الله وكانت ترى فيه الأب الرحيم , فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس عمه وكان من أيسر بني هاشم : "ياعباس إن أخاك أبا طالب كثير العيال وقد أصاب الناس ماترى من هذه الأزمة -ذلك أن قريشا أصابتهم أزمة شديدة- فانطلق بنا إليه فلنخفف عنه من عياله آخذ من بنيه رجلاً وتأخذ أنت رجلاً فنكفلهما عنه" فقال العباس : نعم , فانطلقا حتى أتيا أبا طالب فقالا له :"إنا نريد أن نخفف عنك من عيالك حتى ينكشف عن الناس ماهم فيه" فقال أبوطالب: إذا تركتما عقيلاً فاصنعا ماشئتما.
فأخذ رسول الله علياً وأخذ العباس جعفرا.

وبُعث محمد صلى الله عليه وسلم ليحمل الخيروالنور للدنيا كلها فقام يدعو أهله وقومه وعشيرته إلى خيري الدنيا والآخرة فكانت فاطمة بنت أسد من النساء اللاتي سارعن إلى الدخول في الإسلام فآمنت بالله ورسوله وأما زوجها ابوطالب فلم يدخل في دين الله وأسلم أولادها كلهم وكان أولهم علي بن أبي طالب , وهكذا بدأت تعيش حياة جديدة كلها ايمان وطاعة لله ولرسول الله , فكانت تتعايش مع آيات الله ومع سنة رسول الله حتى أحست بسعادة لاتعدلها الدنيا بما فيها.

وبدأ أعداء الله يتربصون بالمؤمنين حتى أشار رسول الله على أصحابه بالهجرة إلى الحبشة وقد ودعت فاطمة بنت أسد ولدها أمير المهاجرين إلى الحبشة جعفر بن أبي طالب وزوجه أسماء بنت عميس _رضي الله عنهم_.,.

وقد قاست _رضي الله عنها_ في حصار الشعب لكنها صبرت تبتغي بذلك رضوان الله..

ولما أُذن لرسول الله بالهجرة إلى المدينة هاجرت فاطمة مع من هاجر لتنال أجر المهاجرين الذين تركوا ديارهم وأموالهم , وهناك في المدينة نزلت في رحاب أخواتها من نساء الأنصار..

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحبها ويزورها دائماً ويقيل في بيتها ويحسن إليها ويرعاها كما كانت تحسن إليه وترعاه في صغره.

ولمكانتها الرفيعة عند رسول الله كان يتحفها بالهدية , فعن جعدة بن هبيرة عن علي قال: أهدي إلى رسول الله حلة إستبرق فقال:"اجعلها بين الفواطم" فشققتها أربعة أخمرة خمارا لفاطمة بنت رسول الله وخمارا لفاطمة بنت أسد وخمارا لفاطمة بنت حمزة ولم يذكر الرابعة.

ولما تزوج علي بن أبي طالب _رضي الله عنه_ فاطمة بنت رسول الله كانت فاطمة بنت أسد مثالا عظيما للحماة الطيبة والأم الرحيمة فكانت تحب بنت رسول الله وكانت تتعاون معها في أعمال البيت.
قال علي _رضي الله عنه_ : قلت لأمي فاطمة بنت أسد : اكفي فاطمة بنت رسول الله سقاية الماء والذهاب في الحاجة وتكفيك خدمة الداخل الطحن والعجن.

وهاهي فاطمة بنت أسد _رضي الله عنها_ تنام على فراش الموت بالمدينة , فعن ابن عباس _رضي الله عنهما_قال: لما ماتت فاطمة أم علي بن أبي طالب , خلع النبي صلى الله عليه وسلم قميصه وألبسها إياه واضطجع في قبرها , فلما سوى عليها التراب قال بعضهم : يارسول الله رأيناك صنعت شيئا لم تصنعه بأحد !! فقال:" ألبستها قميصي لتلبس من ثياب الجنة واضطجعت معها في قبرها ليخفف عنها من ضغطة القبر إنها كانت من أحسن خلق الله إليّ صنيعاً بعد أبي طالب".

فرضي الله عنها وأرضاها وجعل جنة الفردوس مأواها ...

جزاك الله الف خير ..على اطروحاتك المفيده...